للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قلنا أن بوقوع المحو والإثبات فيها؛ لزمنا القول بوقوعهما فيه حتمًا.

والجواب عليه: أنه لا شك أن ما في صحف الملائكة موجود في اللوح المحفوظ، لأن اللوح المحفوظ كُتب فيه كل شيء على التفصيل، سواء ما يتعلق ببني آدم أو بغيرهم، بل قد كتب فيه ما يتعلق بما يقوله الرب وما يفعله، وما يكون بقوله وفعله، وكتب فيه أيضًا مقتضى أسمائه وصفاته وآثارها كما تقدم (١).

لكن محل النزاع هنا: هل الذي في اللوح المحفوظ هو فقط ما في هذه الصحف، أم أن فيه زيادة عليها؟

هذه المسألة تتضح ببيان مسألة أخرى: وهي انقسام المكتوب في اللوح إلى قدر معلق، وقدر مبرم، فالقدر قدران:

الأول: القدر المثبت، أو المطلق، أو المبرم: وهو ما في اللوح المحفوظ دون غيره من الصحف، وهو ما علمه الله أنه يقع، وهو مستقر الأمر الذي يعلمه الله ولا تعلمه الملائكة، وهذا القدر ثابت لا يتغير؛ فلا محو فيه ولا إثبات.

الثاني: القدر المعلق، أو المقيد: وهو المعلق بالأسباب التي هي من جملة ما قدره الله وكتبه، وهو ما يوجد في صحف الملائكة - مع وجوده في اللوح -.

كأن يقال للملَك: إن عمر فلان مائة سنة إن وصل رحمه وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، وهذا هو الذي يدخله المحو والإثبات (٢).


(١) انظر ما تقدم ص (١١٠).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٨٨ - ٤٩٢)، وفتح الباري (١٠/ ٤١٦)، وشرح صحيح مسلم (١٦/ ٣٣٠ - ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>