للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: أن هذه الكلمات هي التي تتعلق بالمعين من الأشخاص دون غيرها، يدل على ذلك أنها هي التي يكتبها الملَك في التقدير العمري في الرحم، وهو التقدير الخاص بالمعينين من بني آدم، فلذلك يثبت فيها المحو والإثبات في حق المعين عند إتيانه بأسبابهما، يوضحه:

ثالثها: أنه لم يثبت المحو والإثبات في حق عموم الناس، وإنما ثبت في حق معينين، وكل ما يخص المعين إنما يدور على هذه الكلمات الثلاث.

ولا يعكّر على هذا التقرير ثبوته في حق قوم نوح كما في قوله تعالى: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [نوح: ٣، ٤]؛ لأن العموم إنما هو في الخطاب؛ تمامًا كقول النبي : (من سَرَّه أن يُبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره فليَصِل رَحِمَه) (١)، فإنه خطاب عام لكل الأمة، وأما المحو والإثبات فهو في حق المعين الذي أتى بالسبب، ولا يتوقف حصولهما في حق من أتى بسببهما على إتيان جميع المخاطبين بأسبابهم، لذلك تحقق هذا في حق قوم نوح، فمن آمن زيد في عمره وأُخِّر، ومن لم يؤمن عوجل بالعقوبة وأُهلك.

رابعها: أن تعميم متعلق المحو والإثبات ليشمل كل شيء يلزم عليه لازم باطل: وهو عدم الوثوق بشيء من الأخبار الغيبية كالحشر والنشر، وكذا لا يبقى وثوق بالإخبار بأنه خاتم النبيين، لجواز أن يكون الله تعالى قد علم ذلك حين أخبر ثم تعلق علمه بخلافه (٢).


(١) تقدم تخريجه ص (٢١٦).
(٢) انظر: روح المعاني (١٣/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>