للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدمه لمن عمل شرا أو قطع ما أمر الله به أن يوصل وانتهك محارم الله سبحانه" (١).

وقد جمع الله بين الأمرين في قوله تعالى حكاية عن نوح: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [نوح: ٣، ٤].

وقد ثبت في السنة أن الله يزيد في الأجل وينقص منه، كما في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : (لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصًا من نور ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك فرأى رجلًا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود فقال: رب كم جعلت عمره؟ قال ستين سنة قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة، فلما قضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته وخطئ آدم فخطئت ذريته) (٢).

ومثله ما تقدم من كون صلة الرحم وحسن الجوار يزيدان في الأعمار (٣).

فتبين بهذا أن هاتين الآيتين لا تعارضان دخول المحو والإثبات في الآجال.


(١) قطر الولي (٥٠٨).
(٢) رواه الترمذي: أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأعراف (٥/ ١٥٩) ح (٣٠٧٦)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (٣٠٧٦) وظلال الجنة ح (٢٠٦).
(٣) انظر ما تقدم ص (٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>