للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث أم حبيبة ، فالجواب عليه من وجهين:

الأول: أن الحديث ليس فيه أن الآجال لا تتغير مطلقًا، وإنما الذي فيه أنها لا تزيد بالدعاء خاصة، قال شيخ الإسلام : "ففيه أن العمر لا يطول بهذا السبب الذي هو الدعاء فقط" (١).

وقال أيضًا: "وأما حديث أم حبيبة؛ ففيه أن الدعاء يكون مشروعًا نافعًا في بعض الأشياء دون بعض، وكذلك هو، ولهذا لا يحب الله المعتدين في الدعاء؛ فالأعمار المقدرة لم يشرع الدعاء بتغييرها، بخلاف النجاة من عذاب الآخرة فإن الدعاء مشروع له نافع فيه" (٢).

وعليه، فلا يكون دليلًا لمنع المحو والإثبات في الآجال مطلقًا، سيما وقد ثبتا فيها في أحاديث أخر وبأسباب أخر.

على أن منع تأثير الدعاء لا يُسلم، فقد ثبت أن النبي دعا لأنس فقال: (اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته، واغفر له) (٣).

وقد استجاب الله لنبيه، فعمر أنس وكثر ماله وولده، فقد قال


(١) مختصر الفتاوى المصرية للبعلي (٢٦٤).
(٢) الاستقامة (١٣١).
(٣) رواه أبو يعلى (٧/ ٢٢٤) ح (٤٢٣٦)، والبخاري في الأدب المفرد: باب من دعا بطول العمر (١/ ٣٤٢) ح (٦٥٣)، من طريق سنان بن ربيعة عن أنس ، وأصله في الصحيحين بدون ذكر طول العمر، وبوب له البخاري بقوله: "باب دعوة النبي لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله"، وهذا منه إشارة لطريق سنان هذه التي فيها ذكر طول العمر كما ذكر الحافظ، انظر: فتح الباري (١١/ ١٤٤ - ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>