للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن نفى عن أحواله الخصال الذميمة، وأتى بدلها بالأفعال والأحوال الحميدة، فهو صاحب محو وإثبات. . .

وأما حقيقة المحو والإثبات، فصادران عن القدرة، فالمحو: ما ستره الحق ونفاده (١)، والإثبات ما أظهره الحق وأبداه، والمحو والإثبات مقصوران على المشيئة، قال الله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩]، قيل: يمحو عن قلوب العارفين ذكر غير الله تعالى، ويثبت على ألسنة المريدين ذكر الله.

ومحو الحق لكل أحد وإثباتهُ على ما يليق بحاله، ومن محاه الحق سبحانه على مشاهدة أثبته بحق حقه، ومن محاه الحق عن إثباته به ردَّه إلى شهود الأغيار، وأتيته في أودية التفرقة" (٢).

وقال ابن عَطاء الأَدمي (٣): " ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ عن رسوم الشواهد والأعراض وكلما يورد على سره من عظمته وحرمته وهيبته ولو غاب أنواره، فمن أثبته فقد أحضره ومن محاه فقد غيبه، والحاضر مرجوعه لا يعدوه" (٤).

وقال الواسطي: "يمحوهم عن شاهد الحق ويثبتهم في شواهدهم، ويمحوهم عن شواهدهم ويثبتهم في شاهد الحق، ويمحو رسوم نفوسهم


(١) كذا في المطبوع، ولعل الصواب "ونفاه".
(٢) الرسالة القشيرية (١٥٦ - ١٥٧).
(٣) هو أبو العباس، أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الادمي البغدادي الصوفي العابد، راج عليه حال الحلاج وامتحن بسببه، مات سنة (٣٠٩ هـ).
انظر: طبقات الصوفية (٢٠٤)، وصفة الصفوة (٢/ ٤٤٤)، وسير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٥٥).
(٤) تفسير السلمي (١/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>