للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نفوسهم ويثبتهم برسمه" (١).

فهذه الأقوال منهم تبين إنكارهم للمحو والإثبات وتأويلهم له إلى ما ذُكر، وهذا القول باطل، وبطلانه من وجهين:

الأول: أنه عار عن دليل صحيح من كتاب أو سنة.

الثاني: أن إنكار المحو والإثبات لم يؤثر عن أحد من سلف الأمة، بل المأثور عنهم إثباته، وإن وقع في عباراتهم اختلاف في محل المحو والإثبات وما الذي يمحى ويثبت - على ما سبق بيانه -.

وأما الصنف الثاني؛ فهم الرافضة - قاتلهم الله - والذين ذهبوا إلى القول بالبداء وتغير علم الله سبحانه.

والبَداء في اللغة: من البدوّ، يقال: بدا يبدو بدوًّا وبداءً، وهو الظهور بعد خفاء، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٤].

ومنه تغير الرأي عما كان عليه؛ تقول: بدا لي في هذا الأمر بداء، ومنه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] (٢).

والبداء لا يجوز نسبته إلى الرب سبحانه، لأنه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم، وكلاهما باطل ينزه الله سبحانه عنه.

وأصل القول بالبداء إنما كان عبد الله بن سبأ (٣)، وتلقفه عنه المختار


(١) المصدر السابق.
(٢) انظر: تهذيب اللغة (١٤/ ٢٠٢)، ومقاييس اللغة (١/ ٢١٢)، مادة: (بَدَو).
(٣) انظر: التنبيه والرد (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>