للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاد المشركين لآبائهم في الدنيا، فظن أن قول النبي : (كل مولود يولد على الفطرة) يقتضي أن يحكم لهم في الدنيا بأحكام المؤمنين فقال: هذا منسوخ (١).

وقبل حكاية الأقوال الأخرى المخالفة لهذا القول يحسن بيان مسألتين، توضحان القول الراجح، وتتضمنان ردًا مجملًا على ما خالفه من أقوال.

المسألة الأولى: المعنى المراد بكون المولود على الفطرة:

ليس المراد من كون المولود ولد على الفطرة، أو على ملة الإسلام، أو على الإسلام، أو خُلق حنيفًا: أنه ولد عالمًا بهذا الدين ومريدًا له، فإن الله يقول: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨]، ولكن المراد أن فطرته مقتضيةٌ موجبةٌ لدين الإسلام لمعرفته ومحبته، إذا سلمت عن المعارض.

قال شيخ الإسلام في معنى الفطرة: "وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة" (٢).

فكل مولود يولد على محبة فاطره وإقراره له بربوبيته وإلهيته، فلو خُلِّي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره.

وينبغي أن يعلم أنه ليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك أكثر من غيره، بل المراد أن نفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له، ثم موجبات الفطرة ومقتضاها تحصل شيئًا بعد شيء بحسب كمال الفطرة إذا


(١) انظر: درء التعارض (٨/ ٣٨٢ - ٣٨٣).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>