للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمت عن المعارض، وقد يعرض لها ما يفسدها، وهذا كما أن المولود يولد على محبة ما يلائم بدنه من الأغذية والأشربة، وبغض خلافه، ثم هذا الحب والبغض يحصل فيه شيئًا فشيئًا بحسب حاجته، وقد يعرض له ما يفسده عليه، فيحب ما لا يلائمه ويبغض ما يلائمه (١).

المسألة الثانية: بيان منشأ الغلط في هذه المسألة، وسبب الخلاف:

منشأ الغلط في هذه المسألة هو اشتباه أحكام الكفر في الدنيا بأحكام الكفر في الآخرة، فإن بعض أهل السنة لما رأوا أن أحكام الكفر تجري على أولاد الكفار في أمور الدنيا مثل ثبوت الولاية عليهم لآبائهم وحضانة آبائهم لهم وتمكين آبائهم من تعليمهم وتأديبهم والموارثة بينهم وبين آبائهم واسترقاقهم إذا كان آباؤهم محاربين؛ ظنوا أنهم كفار في نفس الأمر كالذي تكلم بالكفر وعمل به.

والصواب أن حكم الدار الآخرة غير حكم الدار الدنيا، فقد يكون الرجل في أرض الكفار وهو مؤمن كاتم لإيمانه، فيغزوهم المسلمون فيقتلونه - وهم لا يعلمون حاله - فيُعامل معاملة قتلى الكفار، فلا يغسل ولا يصلى عليه، ويدفن مع المشركين وهو في الآخرة من المؤمنين أهل الجنة، كما أن المنافقين تجرى عليهم في الدنيا أحكام المسلمين وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار.

وكون أطفال المشركين يتبعون لآبائهم في حكم الدنيا أمر قد علم بالاضطرار من شرع الرسول .


(١) انظر: درء التعارض (٨/ ٣٨٣ - ٣٨٤)، وشفاء العليل (٢/ ٧٨٩ - ٧٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>