للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمجس لا أنه يصير ذلك" (١).

ومذهبه هذا ومذهب أسلافه كان سببًا لتفسير بعض السلف لحديث الفطرة بالقدر السابق، قال شيخ الإسلام : "وإنما قال الأئمة ولد على ما فطر عليه من شقاء وسعادة؛ لأن القدرية كانوا يحتجون بهذا الحديث على أن الكفر والمعاصي ليست بقدر الله بل مما فعله الناس، لأن كل مولود يولد خلقه الله على الفطرة، وكفره بعد ذلك من الناس. . . فبين الأئمة أنه لا حجة فيه للقدرية" (٢).

وقول المعتزلة باطل من وجوه ثلاثة:

أولهما: أن القرآن قد دل على أن المراد بها الدين، كما في قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٣٠].

وقد فهم أبو هريرة هذا منها، ففي الصحيحين عنه أنه قال بعد روايته للحديث: "واقرؤوا إن شئتم: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ (٣).

الثاني: أن النبي بيَّن أن المراد بالفطرة الإسلام، كما في حديث الأسود بن سريع المتقدم وفيه قوله : (ما من مولود يولد إلا على فطرة الإسلام) (٤).


(١) شرح الأصول الخمسة (٤٨٢ - ٤٨٣).
(٢) درء التعارض (٨/ ٣٦٢).
(٣) تقدم تخريجه ص (٢٩٠).
(٤) تقدم تخريجه ص (٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>