للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المعنى باطل، فهو مع خلوه من معنى يستفيده السامع، ليس فيه مدح ولا ثناء، وخطاب الله ورسوله ينزه عن إرادة مثل هذا المعنى (١).

ثالثًا: أن القدرة على الظلم صفة كمال وضدها نقص، والله متصف بالكمال ومنزه عن النقص، فوجب أن يكون قادرًا عليه.

رابعًا: أن الله أثبت لنفسه الملك والحمد؛ الملكَ بكونه على كل شيء قدير، والحمدَ بأنه عادل لا يظلم، فمن نفى قدرته على الظلم فقد نفى ملكه، وكذب بما أخبر به عن ذلك، كما أن من نفى عدله وأثبت قدرته فقد أثبت له حمدًا بلا ملك (٢).

ومما يجب أن يُعلم أن أهل العلم قد نبَّهوا على مسألة مهمة، وهي أن الظلم المنفي عن الله ليس هو الظلم المنفي عن الخلق (٣).

ومحل البحث فيما ظهر لي هو الصورة الثالثة من صور تفسير الظلم؛ لأن الظلم المنفي عن الله هو - كما تقدم تفسيره - ثلاث صور:

الأولى: أن ينقص من حسنات العامل أو يزيد عليه من سيئات غيره.

الثانية: أن يعاقب من لم يذنب.

الثالثة: أن ينقص ثواب العمل.

وذلك أن المعنى المنفي في الصورتين الأولى والثانية واحد سواء أضيف إلى الخالق أو إلى المخلوق، لكن للخالق من ذلك ما يليق به، وللمخلوق ما يليق به.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٨/ ١٤٤).
(٢) انظر: جامع الرسائل (١/ ١٢٦)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٣٠)، وشفاء العليل (١/ ٣٤٣ - ٣٤٤).
(٣) منهاج السنة (٢/ ٣١٠ - ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>