للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتصور منه أن يتصرف في ملك غيره، ولا يتصور منه أن يكون تحت أمر غيره؛ كان الظلم مسلوبًا عنه لفقد شرطه المصحح له لا لفقده في نفسه، فلتفهم هذه الدقيقة فإنها مزلة القدم، فإن فسر الظلم بمعنى سوى ذلك؛ فهو غير مفهوم ولا يتكلم فيه بنفي ولا إثبات" (١).

وقال الآمدي: "الظلم وكل صفة منقصة مسلوبةٌ عنه لامتناع اتصافه بها، وذلك على نحو سلب الظلم والعبث عن الحيوانات والجمادات وغير ذلك من النباتات؛ إذ الظلم يتصور ممن يصادف تصرفه ملك غيره من غير علمه، أو مخالفة من هو داخل تحت تصرفه وحكمه، وذلك كله منفي عن الباري تعالى" (٢).

وقال ابنُ المنيِّر (٣): "ولا معنى للظلم إلا التصرف في ملك الغير بغير إذنه، والعباد ملك الله تعالى، فكيف يتصور حقيقة الظلم منه" (٤).

وقال الإيجي: "وتصرفه تعالى فيما هو ملكه كيف كان لا يكون ظلمًا" (٥).

واحتج الأشاعرة لما ذهبوا إليه بأن الظلم إما التصرف في ملك الغير، وإما مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، وكلاهما منتف عن الرب سبحانه؛ إذ كل


(١) الاقتصاد في الاعتقاد (١٨٣ - ١٨٤).
(٢) غاية المرام في علم الكلام (٢١٣ - ٢١٤).
(٣) هو أبو العباس، أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار الإسكندري المالكي، المعروف بابن المنيِّر، الأشعري، ولد سنة (٦٢٠ هـ)، من كتبه: "البحر المحيط"، و"الانتصاف من صاحب الكشاف"، مات سنة (٦٨٣ هـ).
انظر: تاريخ الإسلام (١٥/ ٤٩١)، وبغية الوعاة (١/ ٣٨٤).
(٤) الانتصاف (بحاشية الكشاف) (٥/ ٣١٦)، وانظر: (١/ ١٦٦) منه.
(٥) المواقف (٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>