ما سوى الله سبحانه ملك له، وليس فوق الله تعالى آمر تجب عليه طاعته.
وما ذهبوا إليه باطل من وجوه:
الأول: أن الصواب في تعريف الظلم أنه وضع الشيء في غير موضعه - كما تقدم بيانه - لا ما ذكروا، وحصرهم للظلم في التصرف في ملك الغير أو مخالفة الآمر الواجب طاعته لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا لغة، بل قولهم مردود بالكتاب والسنة واللغة.
الثاني: أن دعوى امتناع الظلم منه سبحانه غير صحيحة، بل الظلم ممكن إلا أن الله تنزَّه عنه، وقد تقدم بيان ذلك (١).
الثالث: أن مذهب الأشاعرة في هذه المسألة مبني على مذهبهم الباطل في التحسين والتقبيح، وأن الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع ولا مدخل للعقل في ذلك، فعندهم لو أمر الشارع بالزنا والكفر لحسن ذلك، ولو نهى عن التوحيد والعفة لحسن ذلك لأمر الله ﷾، وعلى مذهبهم الباطل في نفي الحكمة والتعليل، وسيأتي بيان ضلالهم في هذين البابين، وما بُني على باطل فهو باطل.
الرابع: أن التصرف في ملك الغير وكذا مخالفة الآمر الذي تجب طاعته ليس بظلم دائمًا، بل قد يكون هو العدل، وهذا بيِّن، ويدل للأول: ما جاء في الشرع من الحجر على مال السفيه؛ فإنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه وليس ظلمًا باتفاق العقلاء بل عدل ومنفعة.