للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يُردُّ عليهم به: أن الإجماع منعقد على أن الله قد خلق لهم الاستطاعة التي وقع بها منهم الظلم والكذب والجور مع علمه أنهم يظلمون بها، فيلزم على مذهبكم هذا أن يسمى بذلك ظالمًا ومعينًا على الظلم (١).

ومما يُردُّ به عليهم أيضًا: أنه إن كان بخلقه الظلم يسمى ظالمًا فينبغي أن يكون بخلقه حركة الاضطرار يسمى متحركًا، وبخلقه السقم سقيمًا، وهكذا (٢).

وأما المسألة الأولى، فمن وجوه:

الأول: أن الله سبحانه كما أنه ليس كمثله شيء في ذاته؛ فليس له مثل في أفعاله، فتشبيه أفعاله بأفعال خلقه باطل.

الثاني: أن الله سبحانه ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣].

الثالث: أن تنزه الرب سبحانه عن الظلم من كماله سبحانه، ومن تفضله على خلقه لا أن أحدًا يوجب عليه ذلك.

الرابع: أن الله سبحانه موصوف بالحكمة، والحكيم والحكم من أسمائه، وكل أفعاله منوطة بالحكمة، وما يقع في الوجود من شرور فقد تضمنت من الحكم ما يجعل وجودها خيرًا من عدمها.

ولذلك فإن المعتزلة - كما سيأتي - لما كانوا يرون أنه لا يعود من أفعال الله تعالى إليه وصف وإنما إلى الخلق فقط، فإنهم أوجبوا على الله سبحانه العوض على الآلام التي لا تتضمن حكمة تعود على المتألم كإيلام الأطفال؛ هروبًا من


(١) انظر: الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (١/ ١٨٧).
(٢) انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>