للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الباب أيضًا عدم إضافة الأشياء الحقيرة إليه - وإن كانت ليست شرا في نفسها - كالهوام والدواب.

وبالجملة؛ فإن الله إنما يثنى عليه ويتمدح بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساوئها، وعظائمها دون محقراتها (١).

وأما المسألة الرابعة: فالمقصود منها أن أئمة السنة وجمهور الأمة يثبتون الفرق بين فعل الفاعل ومفعوله المنفصل، فالفعل هو إحداث الشيء والمفعول هو الحدث، وكل شيء سوى الله بقضائه فهو مفعول (٢)، ففعله يقوم به ويتصف بما تضمنه من معنى، وأما مفعوله المنفصل فلا يتصف به، وهذا مطَّرد في حق الخالق وفي حق المخلوق، فالصلاة من العبد - على سبيل المثال - تطلق على شيئين: على فعله القائم به، الذي يسمى بسببه بالمصلي، وهو قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه ونحو ذلك، وتطلق على المفعول المنفصل، وهي الصلاة التي وجدت بفعله، وهذه المسألة مرتبطة بمسألة أفعال العباد، وستأتي هناك إن شاء الله.

وكذا الأمر في حق الله وهي المسألة المرادة هنا -؛ فرق ما بين فعله ﷿ ومفعوله المنفصل، فأفعال العباد هي كغيرها من المحدثات مخلوقة مفعولة لله ﷿، وليست هي فعل الله ، كما أن ذوات العباد مخلوقة مفعولة له ﷿ وليست هي نفس فعله.


(١) انظر: القضاء والقدر للبيهقي (٢/ ٦٦١ - ٦٦٢).
(٢) انظر: خلق أفعال العباد (٢/ ٢٩٧ - ٣٠٠)، وانظر كذلك: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٦٨ - ٤٦٩)، و (٢/ ١١٩ - ١٢٠)، ومنهاج السنة (٢/ ٢٩٨)، وشفاء العليل (١/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>