للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك الشرور والآلام والمعاصي ونحوها؛ فالذي لله ﷿ من ذلك العلم والكتابة والمشيئة والخلق، وأما المعلوم المكتوب المشيء المخلوق من هذه الشرور؛ فليس إلى الله فلا يوصف به.

وأما المسألة الخامسة: فالمقصود منها أن أهل السنة يثبتون الفرق كذلك بين فعل وأفعل، فالفعل هو الذي يقوم بالفاعل، ويشتق له منه اسم وصفة، وأما الإفعال فلا يقوم به، وإنما يقوم بمن جعله فاعلًا له.

وذلك أن الله ﷿ فاعل غير منفعل، والعبد فاعل منفعل، إما انفعالًا محضًا فيما ليس له فيه اختيار كارتعاشه ومرضه وموته، وإما انفعالًا غير محض وذلك فيما له فيه اختيار، إذ أن فاعليته - هذه - لا تخرجه عن كونه منفعلًا، لأنه فيها منفعل للرب الذي لا ينفعل.

فالله أفْعَلَ، والعبد فَعَل، فهو الذي أضل العبد والعبد ضل، وهو الذي جعله كافرًا والعبد كفر، وهو الذي جعله مصليًا والعبد صلى، وهكذا في كل أفعال العباد من خير وشر (١).

فلا يلزم من جعل الله ﷿ للعبد فاعلًا للشرور أن يقوم به وصف الشر، بل إنما يقوم بمن فعله وهو العبد (٢).

وهذه القاعدة تتضمن مسألتين:

الأولى: معنى الشر، وأنواعه.

مادة (شَرّ) في اللغة أصل صحيح يدل على الانتشار والتطاير، ومن ذلك


(١) انظر: شفاء العليل (١/ ٣٩٩).
(٢) انظر: الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (٢/ ٤٣٧ - ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>