للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا كلام رسوله إلى الله، وإنما ورد على أحد وجوه ثلاثة (١):

الأول: أن يدخل في عموم المخلوقات، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر: ٦٢]، وهذا يتضمن إثبات قدرة الله عليه ومشيئته وخلقه له.

الثاني: أن يضاف إلى السبب الفاعل، ومثاله قوله تعالى: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ [الفلق: ٢]، وقوله تعالى: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ [الكهف: ٧٩]، وقوله تعالى: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣].

الثالث: أن يُحذف فاعله، ومثاله قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠]، فجمع بين عدم إضافة الشر إليه وبين إضافة الخير إليه .

وهذا كقول الخضر: ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا﴾ [الكهف: ٨٢]، مع قوله: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ [الكهف: ٧٩]، فأضاف إعابتها - وهو شر إضافي - إلى نفسه، وأضاف الخير من بلوغ الأشد واستخراج الكنز إلى الله ﷿.

وأوضح منه قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩]، فأضاف الحسنة إلى الله إذ هو المنعم بها من كل وجه، وأضاف السيئة إلى العبد إذ هو المتسبب فيها والفاعل لها، وبه قامت.

وقد فُسرت الحسنة والسيئة في هذه الآية بتفسيرات كلها ترجع إلى معنى واحد (٢)، فقيل: الحسنة: السراء، والسيئة: الضراء، قاله أبو العالية.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٩٤)، وشفاء العليل (٢/ ٧٣٧ - ٧٣٨).
(٢) رواها ابن أبي حاتم (٣/ ١٠٠٨ - ١٠٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>