للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: الأشاعرة، فقد شارك الأشاعرة أهل الإسلام في نفي الشر عن قضاء الله سبحانه، لكنهم جعلوا كل ما في الوجود خير وأن الله لم يقدر شرا مطلقًا، والشر الموجود ليس ذاتيًّا.

قال الآمدي: "والوجود من حيث هو وجود خير محض لا شر فيه، وهو ما يقع مرادًا للباري تعالى، وأما الشر من حيث هو شر؛ فليس هو مستندًا إلا إلى اختلاف الأغراض، أو إلى قول الشارع افعل أو لا تفعل كما سنبينه، وذلك مما لا يوجب كونه شرا في نفسه" (١).

وقال الجويني: "الآلام واللذات لا تقع مقدورة لغير الله تعالى، فإذا وقعت من فعل الله تعالى فهي منه حسن، سواء وقعت ابتداءً أو حدثت منه مسماة جزاء. . . بل ما وقع منهما فهو من الله تعالى حسن، لا يعترض عليه في حكمه" (٢).

والخير عندهم في الوجود وكماله، والشر في العدم؛ عدم الوجود أو عدم كمال الوجود، فالوجود وكمال الوجود داخلان في القضاء لذاتهما، وأما الشر الذي هو نقص الوجود فهو داخل في القضاء لا بالذات بل بالعرض، وأما العدم المحض فهو شر محض.

يقول الشهرستاني: "الوجود خير كله من حيث هو وجود فكان [أي الله سبحانه] مريد الخير، وأما الشر فمن حيث هو موجود فقد شارك الخير، فهو من ذلك الوجه خير ومراد وعلى هذا لا يتحقق في الوجود شر محض، فهو تعالى مريد الوجود ومريد الخير، والعبد يريد الخير والشر.


(١) غاية المرام (١٤١).
(٢) الإرشاد (٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>