فيذكر هذين الاسمين عند ذكر مصدر خلقه وشرعه، تنبيهًا على أنهما إنما صدرا عن حكمة مقصودة مقارنة للعلم المحيط التام، كقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ [النمل: ٦]، وقوله: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [الزمر: ١]، وقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٨].
الخامس عشر: إخباره بأن حكمه أحسن الأحكام وتقديره أحسن التقادير، ولولا مطابقته للحكمة والمصلحة المقصودة المرادة لما كان كذلك، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ [البقرة: ١٣٨]، وقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ [النساء: ١٢٥]، وقال: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤].
السادس عشر: إخباره سبحانه أنه على صراط مستقيم كما في قوله حاكيًا عن نبيه هود: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٦]، والثاني قوله: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: ٧٦]، ووصفه سبحانه بأنه على صراط مستقيم هو كونه يقول الحق ويفعل الصواب، فلا يقول إلا ما يحمد عليه، لا يفعل إلا ما يحمد عليه لكونه حقًّا وعدلًا وصدقًا وحكمةً في نفسه.
السابع عشر: حمده سبحانه لنفسه على جميع ما يفعله، وأمره عباده بحمده، وهذا لما في أفعاله من الغايات والعواقب الحميدة التي يستحق فاعلها