للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما دلالة الفطرة؛ فحكاها غير واحد من أهل العلم، منهم: ابن تيمية (١)، وابن القيم (٢)، وابن الوزير (٣).

وتقريرها: أن كل أحد يجد في نفسه ضرورة أن هذا الكون فيه من الحكم والمصالح ما لا يمكن حصره، وذلك أنه يرى هذا الوجود حوله "شاهد بحكمته وعنايته بخلقه أتم عناية، وما في مخلوقاته من الحكم والمصالح والمنافع والغايات المطلوبة والعواقب الحميدة أعظم من أن يحيط به وصف أو يحصره عقل، ويكفي الإنسان فكره وخلقه وأعضائه ومنافعها وقواه وصفاته وهيأته فإنه لو استنفد عمره لم يحط علمًا بجميع ما تضمنه خلقه من الحكم والمنافع على التفصيل" (٤).

ومن مشهور ذلك ما حصل لخديجة لما جاءها النبي يرجف فؤاده من الخوف في قصة ابتداء الوحي، ففيه قولها للنبي : "كلا، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" (٥).

فاستدلت على أن الله لا يخزيه بأن من جعله الله متصفًا بهذه


(١) انظر: شرح الأصبهانية (٧٠٠).
(٢) انظر: شفاء العليل (٢/ ٥٣٧ و ٥٧١ و ٥٩٢).
(٣) انظر: إيثار الحق (١٨٢).
(٤) شفاء العليل (٢/ ٥٧١).
(٥) رواه البخاري: كتاب بدء الوحي إلى رسول الله (١/ ٧) ح (٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله (١/ ١٣٩) ح (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>