للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨]، وقوله: ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ [القصص: ٧٣] " (١).

والجواب على شبهتهم الأولى من وجوه (٢):

الأول: أن القول بأنه ناقص بذاته إما أن يراد به أنه كان عادمًا لكمال كان يجب أن يكون له قبل حدوث المراد، أو يراد أنه عادم لما ليس كمالًا قبل وجوده؟

فإن كان المراد الثاني؛ فلا نقص؛ إذ البحث في كونه كمالًا قبل وجود الفعل، وإن كان الأول فباطل؛ إذ لا يلزم من فعله لغرض حصوله أولى من عدمه أن يكون عادمًا لشيء من الكمال الواجب قبل حدوث المراد، فإنه يمتنع أن يكون كمالًا قبل حدوثه.

الثاني: أن هذه الحكمة لم تحصل من شيء خارجي عنه، بل تلك الحكمة صفته القائمة به.

الثالث: أن الحكمة المقصودة بفعله سبحانه محبوبة له سبحانه مرادة، وإذا كانت كذلك؛ فحصولها هو الكمال في حقه، وعدمها نقص؛ إذ من كان قادرًا على تحصيل ما يحبه وفعله في الوقت الذي يحب على الوجه الذي يحب فهو الكامل حقًّا لا من لا محبوب له أو له محبوب لا يقدر على فعله.

الرابع: أن نفي الحكمة هو النقص لا أن إثباتها يستلزم نقصًا، لأن الحكمة كمال - كما تقدم - ولزوم النقص من انتفاء الحكم أظهر في العقول والفطر من لزوم النقص في إثبات ذلك.


(١) نهاية الإقدام (٤٠٤).
(٢) انظر: شفاء العليل (٢/ ٥٧٧ - ٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>