وقد سبق بيان هذه المقدمات، والمقصود هنا بيان علاقتها بخلق الأفعال.
والكلام على هذه القاعدة في مسائل:
الأولى: معنى القدرة المضافة إلى العبد.
الثانية: معنى المشيئة المضافة إليه كذلك.
الثالثة: قدرته ومشيئته كسائر صفاته، هما على ما يناسبه ويليق به.
الرابعة: قدرة العبد حقيقية، لها أثر في وجود الفعل.
الخامسة: قدرة العبد ومشيئته من أسباب وجود الفعل، والسبب لا بد له من معاونة ودفع الموانع.
السادسة: ثبوت تأثير القدرة والمشيئة لا يعني الاستقلال بالفعل، بل هما تابعتان لقدرة الله ﷾ ومشيئته.
المسألة الأولى: معنى القدرة المضافة إلى العبد.
المراد بالقدرة المضافة إلى العبد: أي أن الله ﷾ أعطاه استطاعة يقدر بها على فعل الشيء وتركه، وهذه الاستطاعة هي التمكُّن وسلامة الآلات التي يكون بها الفعل.
وذلك أن الاستطاعة - على ما سيأتي في مبحث مستقل - نوعان:
- سابقة للفعل، وهي المصححة للفعل، وهي المرادة هنا.
- ومقارنة للفعل، وهي حقيقة القدرة، وهي المختصة بالفاعل.
فالعبد بما أودع الله ﷿ فيه من صفات وغرائز يقدر على أفعاله، وهذا يكون بحسب ما أعطاه الله ﷾ من الكمال، والناس متفاوتون في قدراتهم، فمنهم من يقدر على أشياء كثيرة لا يقدر عليها كثيرون، ومنهم من لا يقدر إلا على القليل.