للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن المقصود هو الكلام على القدرة عمومًا.

والقدرة قرينة الحياة وملزومها، فكل حي فهو قادر على ما أقدره الله عليه من أفعال، ومن لا يقدر على شيء من الأفعال البتة؛ فهو ميت ليس بحي، كما ذكر البخاري عن نعيم بن حماد: "أن العرب لا تعرف الحي من الميت إلا بالفعل؛ فمن كان له فعل فهو حي، ومن لم يكن له فعل فهو ميت" (١).

فالذي لا يفعل ليس بحي، والفعل لا يكون إلا بقدرة، فمن لا قدرة له؛ لا حياة له.

والقدرة المرادة هنا هي القدرة الكونية لا الشرعية (٢)، إذ الشرعية أخص منها؛ فكل قادرٍ شرعًا فهو قادرٌ كونًا، وليس كل قادرٍ كونًا قادرٌ شرعًا (٣)، فالأعرج الذي خرج للجهاد قادر على الجهاد كونًا ولكنه غير قادر شرعًا، وهذا من رحمة الشارع وتيسيره على المكلفين.

المسألة الثانية: معنى المشيئة المضافة إلى العبد.

والمراد بها أن للعبد إرادة واختيارًا فيما يقدر عليه، فله إرادة واختيار في الفعل والترك.

وما قيل في الإرادة من جهة استلزام الحياة لها يقال في المشيئة، فلا حياة بغير قدرة ولا حياة بغير مشيئة.

فلا يمكن خلو الإنسان عن المشيئة، فإن الإنسان حساس يتحرك


(١) خلق أفعال العباد (٢/ ١٩٢).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٩٠).
(٣) انظر: المصدر السابق (٨/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>