للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يثبت للمخلوقات من قدرة ومشيئة وتصرف فهو بإذن الله ، ولا يخرج عما يشاؤه ﷿.

فقدرة العباد إنما كانت بإقدار الله لهم، فلا حول لهم ولا قوة إلا به، كما في دعاء الاستخارة: (وأستقدرك بقدرتك. . . فإنك تقدر ولا أقدر) (١)، ففيه سؤال العبد القدرة من ربه القدير، وتعليل ذلك بانفراده بالقدرة على الحقيقة، مع خلو العبد منها إلا أن يقدره على شيء.

وكذا مشيئته هي تابعة لمشيئة الله ، لا تخرج عنها، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الإنسان: ٢٩، ٣٠]، وقال تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٨، ٢٩]، وقال سبحانه: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [المدثر: ٥٥، ٥٦]، فأثبت لهم مشيئة، وجعلها تابعة لمشيئته متوقفة عليها.

قال الشافعي : "في كتاب الله المشيئة له دون خلقه، والمشيئة إرادة الله؛ يقول الله ﷿: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ فأعلم خلقه أن المشيئة له" (٢).

وقال الأشعري في "الإبانة": "فأخبر تعالى أنا لا نشاء شيئًا إلا وقد شاء الله أن نشاءه" (٣).

وقد جمع الله بين إثبات المشيئة النافذة له وحده،


(١) رواه البخاري: كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة (٨/ ٨١)، (٦٣٨٢)، من حديث جابر .
(٢) رواه ابن بطة (٢/ ٢٦٢) رقم (١٨٨١)، واللالكائي (٣/ ٦٢٩) رقم (١٠١٣).
(٣) الإبانة (٧)، وانظر: التمهيد (٦/ ١٣)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>