للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقرير كون قدرة العبد ومشيئته من أسباب الفعل يعني أنهما - كسائر الأسباب - لا تستقلان بالفعل، بل لا بد من وجود أعوانها ودفع أضدادها.

قال شيخ الإسلام : "وأن قدرة العباد لها تأثير فيها كتأثير الأسباب في مسبباتها، وأن الله خالق كل شيء بما خلقه من الأسباب، وليس شيء من الأسباب مستقلًا بالفعل، بل هو محتاج إلى أسباب أخر تعاونه وإلى دفع موانع تعارضه، ولا تستقل إلا مشيئة الله تعالى فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن" (١).

وقال ابن القيم : "والتحقيق أن قدرة العبد وإرادته ودواعيه جزء من أجزاء السبب التام الذي يجب به الفعل، فمن زعم أن العبد مستقل بالفعل - مع أن أكثر أسبابه ليست إليه -؛ فقد خرج عن موجب العقل والشرع. . . ومن زعم أنه لا أثر للعبد بوجه ما في الفعل، وأن وجود قدرته وإرادته وعدمهما بالنسبة إلى الفعل على السواء؛ فقد كابر العقل والحس" (٢).

المسألة السادسة: قدرة العبد ومشيئته تابعتان لقدرة الله ومشيئته.

يثبت أهل السنة والجماعة لله الملك التام والحمد التام، فيثبتون له الحكمة وينزهونه عن الظلم والقبيح، ويثبتون له التصرف المطلق في خلقه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون شيء إلا بمشيئته وقدرته.

وكل ما في العباد من نعمة؛ قوة وقدرة وإرادة وغيرها؛ فهي من الله ، كما قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣].


(١) درء التعارض (١٠/ ١١٥)، وانظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٨٧).
(٢) شفاء العليل (١/ ٤٢١ - ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>