[يس: ١٢]، فـ (آثارهم): آثار أعمالهم من خير وشر، سواء كانت في الحياة أو بعد الممات، والتعبير بالآثار يدل على أن لها أثرًا في وجود العمل.
قال السعدي ﵀:" ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ وهي آثار الخير وآثار الشر التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم"(١)، يوضحه:
المسألة الخامسة: قدرة العبد ومشيئته من أسباب وجود الفعل، والسبب لا بد له من معاونة ودفع الموانع.
فالله ﷾ لكمال حكمته - ربط الأسباب بمسبباتها، وجعل لهذه الأسباب أضدادًا وموانع؛ فلا بد للوصول إلى الفعل من الإتيان بأسبابه ودفع أضدادها.
وهكذا الأمر في أفعال العباد؛ من جملة الأسباب التي تحصل بها: قدرة العبد ومشيئته، ومن لطيف ما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٧٣) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٣، ٧٤]، فأخبر ﷾ بأن مراد الكفار وهو فتنة النبي ﷺ عن الوحي قد انعقدت أسبابه من قبلهم إلى حد أنه قارب الوقوع، إلا أنه لم يقع لوجود المانع، وهو تثبيت الله لنبيه ﷺ.
فقدرتهم ومشيئتهم كانت من جملة أسباب هذه الفتنة، إذ أن الله ﷾ أضاف الفعل إليهم، فدل على أنه واقع بقدرتهم ومشيئتهم.