للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل، وهذا السبب له أسباب أخرى تعاونه، وموانع تعوقه، لا أن المراد أنها مستقلة بالأثر موجبة له.

فلفظ التأثير يراد به هذين المعنيين: أنها سبب من جملة الأسباب، وأنها علة تامة مستقلة بإيجاد السبب، فالثاني باطل، والأول هو الصواب.

قال شيخ الإسلام : "والمقصود هنا أن التأثير إذا فُسر بوجود شرط الحادث، أو بسبب يتوقف حدوث الحادث به على سبب آخر وانتفاء موانع - وكل ذلك بخلق الله تعالى - فهذا حق، وتأثير قدرة العبد في مقدورها ثابت بهذا الاعتبار.

وإن فسر التأثير بأن المؤثر مستقل بالأثر من غير مشارك معاون ولا معاوق مانع؛ فليس شيء من المخلوقات مؤثرًا، بل الله وحده خالق كل شيء فلا شريك له ولا ندَّ له، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن" (١).

ومما يدل على تأثير قدرة العبد ومشيئته قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأعراف: ١٨٨]، فأخبر أنه لا يملك الضر والنفع لنفسه إلا إذا شاء الله، ومفهومه أنه إذا شاء الله ملك لنفسه ذلك، والنفع والضر هما أثر الفعل الحاصل بقدرته ومشيئته، فدل على أن لهما أثرًا في الفعل.

فدلت هذه الآية "على أن قدرة العبد مؤثرة بإذن الله تعالى ومشيئته" (٢)، فنص على القدرة، والمشيئة قرينتها في ذلك.

ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾


(١) مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ١٥٥).
(٢) روح المعاني (٩/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>