للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد، وألا يوجد شيء إلا بإيجاده، ومن هنا كان من لم يثبت خلقه لأفعال العباد؛ لم يثبت له تمام الملك (١).

القسم الثالث: الأدلة الدالة على سبق المقادير، كقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩]، وقوله : (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز) (٢).

ووجه دلالتها أن تقدير الله ﷿ للمقادير يقتضي أنه علمها وكتبها وشاءها وخلقها، وأفعال العباد داخلة في عموم المقادير.

وهذا النوع من الأدلة خنجر في نحر من ينكر خلق أفعال العباد مع إثباته للعلم والكتابة، لذلك قال من قال من السلف: "ناظروا القدرية بالعلم؛ فإن أقروا به خُصموا، وإن أنكروا كفروا" (٣).

وأما الأدلة الخاصة: فهي على قسمين: صريحة وغير صريحة.

أما الأدلة الصريحة: فهي كل دليل على خلق الأفعال بصفة خاصة، كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] سواء كانت (مَا) مصدرية - وهو ضعيف -، أو كانت موصولة - وهو الأصح -، وإن كان الأول أصرح.

والمعنى: والله خلقكم وخلق الأصنام التي تعملونها، ووجه الدلالة حينئذ أن هذه الأصنام إنما صارت أصنامًا بصنعتهم وعملهم، فدل على أن


(١) انظر: منهاج السنة (٣/ ٧٧).
(٢) رواه مسلم: كتاب القدر، باب كل شيء بقدر (٤/ ٢٠٤٥) ح (٢٦٥٥)، من حديث ابن عمر .
(٣) انظر ما تقدم ص (١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>