للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمالهم وصنعتهم خلق له ، كما أن الحجارة التي جُعلت أصنامًا خلق له، فلما كان المسبب الذي هو الصنم مخلوقًا له؛ كان السبب وهو فعل العبد مخلوقًا له من باب أولى.

وأما وجه الدلالة على المعنى الأول فظاهر، إذ المعنى حينئذ: والله خلقكم وخلق عملكم (١).

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٨٠) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ [النحل: ٨٠، ٨١].

ووجه الدلالة أن الله أخبر أنه هو الذي خلق لهم البيوت والسرابيل، وإنما صارت بيوتًا وسرابيل بصنعتهم وعملهم.

وقوله تعالى: ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ [يس: ٤٢]، فأخبر أنه خلق لهم الفلك، وقد صارت فلكا بعملهم كما أخبر عن نبيه نوح : ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ﴾ [هود: ٣٨].

وقوله : (إن الله خالق كل صانع وصنعته) (٢).


(١) انظر هذا الدليل ووجه الاستدلال به وما قيل فيه في: منهاج السنة (٣/ ٢٦٠ - ٢٦١)، ومجموع الفتاوى (٨/ ١٧ و ٧٩ و ١٢١)، وبدائع الفوائد - وأطال فيه النفس - (١/ ٢٥٣ - ٢٦٨).
(٢) رواه البخاري في خلق أفعال العباد (٢/ ٦٦) رقم (١٢٤)، والحاكم (١/ ٣١)، من طريق أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة مرفوعًا، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ في الفتح (١٣/ ٤٩٨)، والألباني في الصحيحة ح (١٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>