للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ: ٢٢].

وكل من الخَلْق والمُلْك من خصائص الربوبية، أي أخص ما يتصف به الرب ﷿.

وإثبات كمال الملك يقتضي إثبات خلقه لأفعال العباد، لأن إخراجها عن خلقه إخراج لها عن ملكه.

والكلام على هذه القاعدة في مسائل:

الأولى: معنى كون الله خالقًا لأفعال العباد.

الثانية: الجمع بين كون أفعال العباد خلقًا لله وفعلًا للعبد.

الثالثة: شمول خلق الله لجميع أفعال العباد.

المسألة الأولى: معنى كون الله خالقًا لأفعال العباد.

يُراد بكونه ﷿ خالقًا لأفعال العباد ما يُراد بكونه خالقًا لغيرها من الأشياء؛ إذ الباب واحد، فالجميع أُخرج من العدم إلى الوجود بقدرته ومشيئته وحكمته، وإنما التباين بينها في الأسباب التي بها وُجدت، فالزرع وُجد بسبب البذر والماء وغيرهما من الأسباب، والولد وُجد بسبب الجماع.

وكذا الأمر في أفعال العباد؛ وُجدت بما قدره الله من الأسباب، كقدرة العبد ومشيئته.

وكون قدرة العبد ومشيئته سببًا لا يعني استقلاله بالخلق، إذ لا موجب تام إلا قدرة الله ومشيئته كما تقدم (١).

والله خالق السبب والمسبب وهو قادر على خلق أفعال


(١) انظر ما تقدم ص (١٢١ و ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>