للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثامن: أن في أفعال العباد ما هو جور وظلم، فلو كان الله سبحانه خالقًا لها لوجب أن يكون ظالمًا جائرًا، والله منزه عن ذلك، فوجب أن لا تكون مخلوقة له سبحانه (١).

والجواب على ما استدلوا به من وجهين: مجمل ومفصل.

أما المجمل؛ فمن وجوه ثلاثة هي أصول سبق الكلام عليها (٢):

الأول: أن الفرق ثابت في - حقيقة الأمر - بين الفعل والمفعول، ففرق بين فعل الفاعل والمفعول المنفصل؛ إذ الفعل إحداث الشيء والمفعول هو الحدث، فلا يلزم من كون أفعال العبد مخلوقة لله سبحانه أن تكون فعلًا له، بل هي مفعولة له، وهي فعل من فعلها وهم العباد، فجهة الفعل غير جهة الخلق.

ومثال ذلك: الصلاة، فإنها تطلق على فعل المصلي القائم به الذي يسمى بسببه كان مصليًا، وهو قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه ونحو ذلك، وتطلق على المفعول المنفصل، وهي الصلاة التي وجدت بفعله.

الثاني: أن الفرق ثابت بين فعل وأفعل، فالفعل هو الذي يقوم بالفاعل، وأما الإفعال فلا يقوم به، وإنما يقوم بمن جعله فاعلًا له.

فالله سبحانه أفْعَلَ العبدَ - أي جعله فاعلًا - والعبدُ فَعَل، فالله الذي جعله مصليًا والعبد صلى، وهو الذي جعله مطيعًا والعبد أطاع، وهو الذي جعله كافرًا والعبد كفر، وهكذا. . .

الثالث: أن الصفة إذا قامت بمحل؛ عاد حكمها على ذلك المحل دون


(١) انظر: المصدر السابق (٣٤٥).
(٢) انظر ما تقدم ص (٣٩٠) وما بعدها و (٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>