للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، فالله سبحانه إنما يوصف بما قام به لا بما خلقه في غيره، فلا يوصف الله تعالى بأفعال العباد، لأن تلك الأفعال لم تقم به وإنما قامت بمن فعلها وهم العباد، وهم المتصفون بها.

وهذا الرد شامل لكل مخالف في هذا الباب.

وأما الرد المفصل؛ فهو بتتبع كل دليل على حدة.

أما الدليل الأول؛ فجوابه أن المراد بالتفاوت في الآية: التفاوت في الخلقة، ويدل عليه السياق، فإنه ذكر خلق السموات، ثم ذكر عدم التفاوت، ثم أعقب ذلك بالأمر بإرجاع البصر لإدراك انتفاء الفطور وهو النقص والخلل، من تشقق ونحو ذلك، فدل على أن المراد بذلك التفاوت في الخلقة.

قال ابن قتيبة: " ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ أي: اضطراب واختلافٍ، وأصله من الفوت وهو: أن يفوت شيء شيئًا فيقعَ الخللُ، ولكنه متصل بعضُه ببعض.

﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾: أي من صُدوع" (١).

وقال الفرَّاء: "والتفاوت: الاختلاف، أي: هل ترى في خلقه من اختلاف" (٢).

قال ابن كثير: "وقوله: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ أي: بل هو مصطحب مستو، ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا مخالفة، ولا نقص ولا عيب


(١) غريب القرآن لابن قتيبة (٤٧٤).
(٢) معاني القرآن للفراء (٣/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>