للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلل؛ ولهذا قال: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ أي: انظر إلى السماء فتأملها، هل ترى فيها عيبًا أو نقصًا أو خللا؛ أو فطورًا؟ قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والثوري، وغيرهم في قوله: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ أي: شقوق" (١).

وقال البغوي: "ومعناه: ما ترى يا ابن آدم في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض، بل هي مستقيمة مستوية، وأصله من الفوت، وهو أن يفوت بعضها بعضًا لقلة استوائها ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ﴾: كرر النظر، معناه: انظر ثم ارجع ﴿هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ شقوق وصدوع" (٢).

وأما الدليل الثاني؛ فبطلانه من وجوه:

الأول: أن تخطئة القول بأن جميع ما خلقه الله إحسانٌ ليست بصحيحة، بل كل ما خلقه الله فهو إحسان، وما وجد فيه من خلاف ذلك فهو جزئي مغمور في جانب الإحسان، إذ أفعاله سبحانه - كما تقدم - كلها خير (٣)، والعقاب ونحو ذلك هو إحسان في حقيقة الأمر، حتى للمعاقَب، كما قال الحسن في أهل النار: "لقد دخلوا النار وإنَّ حمده لفي قلوبهم؛ ما وجدوا عليه حجة ولا سبيلًا" (٤).

والعقاب الذي هو ظلم هو أن يعاقب الإنسان على عمل غيره، فأما عقوبته على فعله الاختياري وإنصاف المظلومين من الظالمين، فهو من كمال


(١) تفسير ابن كثير (١٤/ ٧٢).
(٢) تفسير البغوي (٨/ ١٧٦).
(٣) انظر ما تقدم ص (٣٨٥) وما بعدها.
(٤) انظر: شفاء العليل (١/ ٤٠٢) و (٢/ ٦١٢)، ومختصر الصواعق (٢/ ٦١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>