للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: ما يقع به المقدور في محل قدرته (١).

القول الثاني: وهو قول من يثبت للقدرة الحادثة أثرًا، واختلفوا في تفسير التأثير - بعد اتفاقهم على نفي التأثير الذي يثبته أهل السنة على ما تقدم (٢) - على أقوال منها:

قول الباقلاني: فقد ذهب إلى أن فعل العبد واقع بمجموع القدرتين، على أن تتعلق قدرة الرب سبحانه بأصل الفعل، والقدرة الحادثة بصفته التي لا يجوز أن توصف بها قدرة الرب سبحانه، ومثال ذلك لطم اليتيم تأديبًا وإيذاءً، فذات اللطم في كلا الحالين واقع بقدرة الله وتأثيره، وكونه طاعة على الأول، ومعصية على الثاني بقدرة العبد وتأثيره (٣).

قال الباقلاني: "ويجب أن يُعلم أن العبد له كسب وليس مجبورًا، بل مكتسب لأفعاله من طاعة ومعصية، لأنه تعالى قال: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ يعني: من ثواب طاعة، ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: ٢٨٦] يعني: من عقاب معصية. . . فأفعال العباد هي كسب لهم وهي خلق الله تعالى، فما يتصف به الحق لا يتصف به الخلق، وما يتصف به الخلق لا يتصف به الحق، وكما لا يقال لله تعالى إنه مكتسب، كذلك لا يقال للعبد إنه خالق" (٤).

وقوله هذا يؤول في حقيقة الأمر إلى إنكار تأثير قدرة العبد، لأن الثواب


(١) انظر: تحفة المريد (١٧٦).
(٢) انظر ما تقدم ص (٤٧١ - ٤٧٣).
(٣) انظر: شرح المواقف (٨/ ١٤٧).
(٤) الإنصاف (٤٣ - ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>