للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقاب والطاعة والمعصية أوصاف شرعية لا علاقة لها بأصل الفعل، والبحث هنا في الناحية الكونية لأفعال العباد، فليس ورود الشرع بحرمة الفعل أو كونه طاعة أو معصية ونحو ذلك مؤثِّرًا في المسألة.

فما قاله ليس ببعيد عن قول أبي الحسن، فهو يتفق معه في المعنى وإن خالفه في اللفظ.

ويكفي في بطلان هذا القول عدم الدليل عليه، وكونه قولًا محدثًا.

قول أبي المعالي الجويني: فقد ذهب إلى إثبات تأثير القدرة الحادثة في مقدورها لا على وجه الإحداث والخلق؛ إذ نفي هذه القدرة يأباه العقل والحس، وإثبات قدرة لا أثر لها بوجه فهي كنفي القدرة أصلًا، وأما إثبات في حالة لا يفعل فهو كنفي التأثير، خصوصًا والأحوال على أصلهم لا توصف بالوجود والعدم، فلا بد إذن من نسبة فعل العبد إلى قدرته حقيقة لا على وجه الإحداث والخلق، فإن الخلق يشعر باستقلال إيجاده من العدم، والإنسان كما يحس من نفسه الاقتدار يحس من نفسه أيضًا عدم الاستقلال (١).

وهذا القول قرره في "العقيدة النظامية" بكلام طويل (٢)، قال في آخره: "وقد أطلت أنفاسي قليلًا، ولكن - حرس الله مولانا (٣) - لو وجدت في اقتباس هذا العلم من يسرد لي هذا الفصل لكان - وحق القائم على كل نفس بما كسبت - أحب إلي من ملك الدنيا بحذافيرها أطول أمدها" (٤).


(١) انظر: الملل والنحل (١/ ١١١ - ١١٢)، ونهاية الإقدام (٧٨).
(٢) انظر: (٤٦ - ٥٤) منها.
(٣) يقصد الوزير نظام الملك الذي صنف له الكتاب الذي اجتُزئت منه هذه العقيدة.
(٤) العقيدة النظامية (٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>