للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: أن النهي محمول على تكلُّف البحث عما طوى الله عنا علمه ولم يخاطبنا به (١)، كتكلُّف البحث في تعليل أفعال الله ، وكونه أحيا وأمات، وأضل وهدى، ونحو ذلك، قال شيخ الإسلام في تائيته (٢):

وأصل ضلال الخلق من كل فرقة … هو الخوض في فعل الإله بعلةِ

فإنهمُ لم يفهموا حكمة له … فصاروا على نوع من الجاهليةِ

ويدل عليه قوله : (أبهذا أمرتم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟) (٣).

السابع: أن النهي محمول على من ليس من أهل العلم بهذا الشأن، فلا يؤمن على من هذا حاله أن ينحرف إذا خاض فيه (٤).

والذي يظهر - والله أعلم - أنه لا تنافيَ بين هذه الأقوال، ولا مانع من حمل النهي عليها جميعًا.

وأما الخوض في القدر بحق على جهة التعلم والتعرُّف لما جاءت به الشريعة، ثم الإيمان به بعد معرفته على الوجه المشروع؛ فإن هذا لم ينهَ عنه الشرع (٥)؛ بل هو مطلوب مأمور به؛ لأن ما يبحثه أهل العلم - من أهل السنة والجماعة - في هذا الباب مستفاد من نصوص الكتاب والسنة؛ وعليه فالبحث فيه هو من جملة تدبر النصوص والتَّفقُّه فيها؛ ولا ينازع أحد في مشروعية ذلك.


(١) انظر: العواصم والقواصم (٦/ ١٧٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٢٤٦).
(٣) تقدم هذا اللفظ من حديث أبي هريرة ص (٤٧)، وتقدم نحوه من حديث عبد الله بن عمرو أيضًا ص (٤٧) و (٥٠).
(٤) انظر: إكمال المعلم (٨/ ١٣٥).
(٥) انظر: العواصم والقواصم (٦/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>