للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقدير استقلال كل من القدرتين بالتأثير من غير تفاوت (١).

الدليل السادس: أن فعل العبد مقدور لله، فلو كان مقدورًا كذلك للعبد للزم اجتماع المؤثرين على أثر واحد، والقول بمقدور بين قادرين، وهو ممتنع (٢).

الدليل السابع: أن الفعل المتقن لا يصدر إلا عن عالم محيط بالفعل، فلو كانت أفعال العبد مخلوقة له لوجب أن يكون عالمًا بها، وهذا منتف، للقطع بعدم إحاطته بعلمها، ولصدور أفعال عن النائم والغافل (٣).

الدليل الثامن: أنه لو جاز تأثير القدرة الحادثة في الفعل بالإيجاد والاختراع؛ لجاز تأثيرها في إيجاد كل موجود، من حيث إن الوجود قضية واحدة لا يختلف وإن اختلفت محاله وجهاته، والقول بجواز تأثيرها في إيجاد كل موجود باطل بالمشاهدة، فوجب بطلان تأثيرها في فرد من أفراده (٤).

هذه أبرز أدلتهم، وبيان بطلانها من وجهين: مجمل، وقد تقدم في الرد على أقرانهم المعتزلة ومفصل على كل دليل بدليله.

أما الدليل الأول؛ فالاستدلال به على خلق أفعال العباد صحيح، لكن ليس فيه ما يدل ما ذهبوا إليه من نفي القدرة والاختيار عن العبد، ففرق بين كون العبد فاعلًا لفعله، له قدرة واختيار فيه، وبين كونه خالقًا له.

وأما الدليل الثاني، فلا ريب في دلالة هذه الآية على خلق أفعال العباد،


(١) انظر: الأربعين للرازي (٣٢٦)، وشرح المقاصد (٤/ ٢٣٣)، والسنوسية وشرحها (١٨٠ - ١٨١).
(٢) انظر: المقاصد وشرحه (٤/ ٢٢٧).
(٣) انظر: نهاية الإقدام (٦٧ - ٦٨)، وغاية المرام (١٩٢)، وشرح المقاصد (٤/ ٢٢٨).
(٤) انظر: نهاية الإقدام (٧٠ - ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>