للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينئذ فالفرق ثابت بين إرادته من نفسه أن يفعل، وبين إرادته من عبده أن يفعل - كما سيأتي -.

قال ابن القيم عقب تقسيمه للإرادة وبيان استلزامها للمحبة: "هذا ما إذا تعلقت الإرادة بأفعال العباد، وأما إذا تعلقت بأفعال الله فإنها لا تنقسم، بل كل ما أراده من أفعاله فهو محبوب مرضي له، ففرق بين إرادة أفعاله وإرادة مفعولاته" (١).

المقدمة الخامسة: المراد الشرعي هو الدين كله، الشرائع والعقائد.

إذا تبين أن الإرادة الشرعية هي الحكم الشرعي؛ فينبغي أن يعلم أن هذا شامل لعقائد الدين وشرائعه، إذ أن أولى ما يدخل في الأوامر والنواهي: أصول الدين، فالتوحيد - الذي هو أساس الدين، ومضمون رسالة النبيين، ومقصود خلق الثقلين - هو أعظم مأمور به، ونقيضه أعظم منهي عنه.

والأوامر مرادٌ لله من العبد فعلها، والنواهي مرادٌ له من العبد تركها.

وهذه القاعدة تتضمن مسألتين:

المسألة الأولى: أن الأمر الشرعي يستلزم الإرادة الشرعية التي هي المحبة، بمعنى أن كل ما أمر الله به في الشرع فإنه يحبه، ولا يمكن أن يكون شيء من أوامره الشرعية مبغوضًا له.

وبالمقابل؛ فكل ما نهى عنه في الشرع فإنه يبغضه ولا يحبه.

قال ابن القيم : "والرب سبحانه إذا أمر بشيء فقد أحبه ورضيه


(١) المصدر السابق (٢/ ٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>