للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: "إن الأمر لا يكون أمرًا لصورته ولا لسائر أحواله، وإنما يكون أمرًا لإرادة الآمر من الأمور ما أمره به" (١).

وما لم يقع مما أمر الله سبحانه به كإيمان المشركين؛ فإنه محبوب لله سبحانه مراد كالذي وقع، لكنه لم يقع لأن المشركين اختاروا خلافه، فلم يخرج بعدم وقوعه عن كونه مرادًا لله تعالى.

ولذلك يجب أن يعلم أن البحث في كلام المعتزلة في هذه المسألة هو في الإرادة المتعلقة بأفعال المكلفين، أو بالتشريع، لا الإرادة المتعلقة بالخلق، وذلك أن أفعال العباد عندهم غير مخلوقة فلا يدخلها هذا النوع من الإرادة.

فالإرادة - على عمومها - عند المعتزلة نوعان:

النوع الأول: إرادة حتم وجبر وقسر، وهي إرادة الله سبحانه في خلق السموات والأرض وما بينهما من الخلق، فجاء خلقه كما أراد لم يمتنع منه شيء، وهذه الإرادة ملازمة للخلق والتكوين، فإذا أراد شيئًا كوَّنه، وإذا كونه فقد أراده.

النوع الثاني: إرادة تخيير وتحذير معها تمكين وتفويض، وهي إرادته سبحانه من خلقه ما أمرهم به، لأنه لو أراد منهم ما أمرهم به على معنى الإرادة الأول لما استطاعوا الخروج عن المأمور كما لا يستطيعون التحول من صورتهم الخَلقية إلى صورة غيرهم (٢).

فالمراد بالبحث النوع الثاني لا الأول، فالإرادة الكونية غير داخلة في أفعال


(١) المصدر السابق (٦/ ٢٢٣).
(٢) انظر: كتاب فيه معرفة الله من العدل والتوحيد -. . - ليحيى بن الحسين، (ضمن رسائل العدل والتوحيد) (٨٨ - ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>