للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجويني: "أصل أهل الحق أن المحرمات مرادة للرب سبحانه، وأن إرادته القديمة تتعلق بحدوث المحظورات والمباحات تعلقها بالطاعات" (١).

وقال الدردير: "والحاصل أن كل كائن، أي واقع فهو مراد له تعالى، سواء أمر به أو لا، ومفهومه أن ما لم يكن فهو غير مراد الوقوع، سواء أمر به كالإيمان من أبي جهل، أو لم يأمر به كالكفر من المؤمنين. . . وإذا عرفت ذلك؛ فالقصد - يعني الإرادة - غير الأمر بالشيء، بل ولا يستلزمه، كما أنه لا يستلزمها" (٢).

وتأولوا ما ورد من نصوص في نفي محبة الرب للفساد، ونفي رضاه بالكفر لعباده بأن المراد هو نفي الإرادة بالتكليف به (٣)، فيكون المعنى: لا يريد الفساد ولا يريد لعباده الكفر، قالوا: وهذا يصح على وجهين: إما أن يكون خاصًّا بمن لم يقع منه الكفر والفساد، وإما بمعنى: لا يحب الفساد دينًا، ولا يرضاه دينًا (٤).

والأشاعرة أحسنوا إذ أثبتوا عموم قدرة الله سبحانه ونفوذ مشيئته، وأساؤوا بقولهم إن الله يريد الكفر والعصيان.

وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة منها:

أولًا: ما جاء من نصوص في أمر الله سبحانه بأشياء لم يرد تعالى وقوعها، إذ لو أرادها لوقعت، كأمر الله سبحانه المشركين بالإيمان، وأمر الخليل بذبح


(١) التلخيص في أصول الفقه (١/ ٢٥٨).
(٢) شرح الخريدة البهية (٧٦).
(٣) انظر: غاية المرام (٦٧).
(٤) انظر: الإنصاف (١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>