للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ويدل عليه كذلك: حديث أبي هريرة أن النبي قال: (احتج آدم وموسى؛ فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فقال النبي : فحج آدمُ موسى، فحج آدمُ موسى) (١).

قال ابن عبد البر : "في هذا الحديث من الفقه إثبات الحِجاج والمناظرة، وإباحة ذلك إذا كان طلبًا للحق وظهوره" (٢).

ومع ذلك فلا بد للباحث في هذا الباب من تقديم النية الحسنة واستحضار الإخلاص لله ، وأن يكون القصد من البحث الوصول إلى الحق، مع التمسك الشَّديد بأصول أهل السنة والجماعة في الاستدلال، والحذر من القول على الله بغير علم.

وهذا وإن كان مطلوبًا من الباحث في كل ما يدرسه من مسائل الاعتقاد إلا أنه في هذا الباب أشد تأكدًا.

ومن نفيس كلام ابن الوزير قولُه - بعد أن تعرض لهذه المسألة ووجَّه ما ورد فيها من النهي -: "ولا خفاء على العاقل أن الخوض في هذه اللُّجَّة التي هابها فضلاء العقلاء لا يكون إلا مصحوبًا بحسن النية، وشدة الرغبة إلى الله في الهداية، والتوقف على القول بغير دراية، والفكر الطويل،


(١) رواه البخاري: كتاب القدر، باب تحاج آدم وموسى عند الله (٨/ ١٢٦) ح (٦٦١٤)، ومسلم: كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى (٤/ ٢٠٤٢) ح (٢٦٥٢).
(٢) التمهيد (١٨/ ١٤)، وانظر: العواصم والقواصم (٦/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>