للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: معنى الاستطاعة السابقة وأحكامها.

الاستطاعة السابقة هي القدرة المصححة للفعل، أي التي يقدر بها الفاعل على الفعل، فهي سلامة الأدوات والوسائل والأسباب التي أودعها الرب سبحانه في الفاعل، والتي تشكل لديه بمجموعها استعدادًا وقوة يتمكن بها من الفعل إذا أراده - بمشيئة الله ﷿.

وهذه الاستطاعة تتنوع أفرادها بتنوع الأفعال المراد القيام بها؛ فاستطاعة الحج: الزاد والراحلة، واستطاعة الصلاة قدرة البدن، وقد تصل إلى حياة القلب فقط، واستطاعة الزكاة: ملك النصاب، واستطاعة الصيام قوة الجسم على تحمل الامتناع عن المفطر.

وهكذا كل أمر تكون الاستطاعة بحسبه، ويجمعها كلها سلامة الآلة التي يكون بها الفعل.

ومن أحكامها (١):

أولًا: أنها متقدمة على الفعل لا متأخرة ولا مقارنة.

أما كونها سابقة للفعل فلأنها وسيلته وأداته، وسبب من أجل أسبابه الوجودية، والله سبحانه لحكمته ربط الأسباب بمسبَّباتها، وجعل وجود الشيء متوقف على وجود أسبابه ومقتضياته، فوجود الشيء مع عدم بعض أسبابه الوجودية ممتنع، فوجب أن تكون هذه الاستطاعة متقدمة على الفعل كما يتقدم سبب الفعل عليه.

وأما كونها غير متأخرة فليس المراد به أنه بعد الفعل تعدم القدرة عليه، فلا


(١) انظر: منهاج السنة (٣/ ٤٧ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>