للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون في مقدور الفاعل فعله مرة أخرى؛ بل المراد أنها متأخرة عن الفعل المعين.

يبينه أن القدرة على فعل معين هي سبب من أسباب وجوده - كما تقدم -، وسبب الشيء لا يتأخر عنه وإلا لم يكن سببًا له، ثم هذه الاستطاعة تكون سببًا لفعل آخر، وهكذا، فالقول بأنها متقدمة أو غير متأخرة وكذا غير مقارنة؛ إنما هو بالنسبة إلى الفعل المعين نفسه - من حيث كونها سببًا له - لا بالنسبة إلى عموم الأفعال التي من جنسه.

وأما كونها غير مقارنة فالمراد منه أن الفعل إذا خرج بأسبابه إلى الوجود؛ فإن هذه الاستطاعة لا تكون حينئذ موجودة، بل تحل محلها استطاعة أخرى بها يتحقق الفعل - كما سيأتي -.

ثانيًا: أنها مناط الأمر والنهي؛ فإذا وجدت وجد الأمر والنهي، وإذا عدمت عدم الأمر والنهي (١).

فالله سبحانه لرحمته لا يكلف نفسًا إلا وسعها وقدرتها، فإذا عدمت الاستطاعة لم يتوجه الأمر والنهي، وسيأتي مزيد إيضاح لهذه المسألة في المبحث القادم إن شاء الله.

ثالثًا: أنها استطاعة شرعية (٢).

وهذا الحكم متمِّم للحكم السابق؛ فمعنى كونها استطاعة شرعية هو كونها مناطًا للأمر والنهي، مع تضمنه لمعنيين آخرين:

الأول: أنه لا يلزم من وجودها وجود الفعل، بل قد يتخلف الفعل، وقد


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٣٢٠) و (٨/ ١٢٩).
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>