للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل خلافه - مع تخلفه - مع وجود هذه الاستطاعة.

قال شيخ الإسلام : "وأما الاستطاعة التي يتعلق بها الأمر والنهي فتلك قد يقترن بها الفعل وقد لا يقترن" (١).

الثاني: أنها أخص من الاستطاعة الكونية، فالاستطاعة الشرعية المشروطة في التكليف لم يكتف فيها الشارع بمجرد المكنة ولو حصل معها ضرر، بل جعل القدرة على الفعل مع الضرر كالعجز عنه تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وقوله تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: ٦] (٢)، يزيده إيضاحًا:

رابعًا: أنها صالحة للضدين.

فالاستطاعة السابقة يستطيع بها الفاعل الفعل والترك، فهو قبل الفعل مستطيع مختار، بمعنى أنه لا يلزم من حصول الاستطاعة السابقة وقوع الفعل، بل قد يقع وقد لا يقع.

فعلى ساق الاستطاعة قامت الأحكام الشرعية، والتكليف مع عدمها ممتنع، كما قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].

خامسًا: أنها حاصلة للفاعل والتارك.

فلا يختص بها أحدهما، بل هي لكليهما، فالذي قدَّر الله له أن يفعل؛ كانت الاستطاعة قبلُ حاصلة له، وإلا لما وقع منه الفعل؛ لأن هذه الاستطاعة سبب في وقوعه، ولا بد حتى يقع الفعل من وجود أسبابه.


(١) المصدر السابق (١٠/ ٣٢)، وانظر: (١٨/ ١٧٣) منه.
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/ ٤٣٩)، ومنهاج السنة (٣/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>