للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب أكثر المعتزلة إلى أنها تبقى.

وذهب أبو القَاسِم البَلخِي (١) وبعض المعتزلة إلى أنها لا تبقى وقتين، وأن الفعل يوجد في الوقت الثاني بالقدرة المتقدمة المعدومة، ولكن لا يجوز حدوثه مع العجز، بل يخلق الله في الوقت الثاني قدرة فيكون الفعل واقعًا بالقدرة المتقدمة.

وهذا قولهم في الفعل المباشر، فأما المتولد فقد يجوز عندهم أن يحدث بقدرة معدومة وأسباب معدومة، ويكون الإنسان في حال حدوثه ميتًا أو عاجزًا (٢).

وهذه الأقوال لا دليل عليها يعضدها، لا من جهة الشرع ولا من جهة العقل، بل هما على خلافها، أما الشرع فلعدم الدليل على ذلك، لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل هذه الأقوال لم تُحْكَ عن أحد من سلف الأمة وأئمتها.

وأما العقل؛ فلأنه لا يعقل وجود الفعل إلا مع وجود القدرة عليه، إذ القدرة عليه شرط وجودي له، ووجود الشيء مع عدم شرطه الوجودي باطل (٣).

وأما التزام بعضهم وقوع الفعل مع عدم القدرة؛ فهو باطل، لأن القدرة إذا ارتفعت وقع نقيضها وهو العجز، فيكون الفعل مقدورًا معجوزًا عنه في آن معًا، وهو محال.


(١) هو: أبو القاسم، عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي الخراساني، أحد أئمة المعتزلة، تنسب إليه طائفة "الكعبية" المعتزلية، من كتبه: التفسير"، و"تأييد مقالة أبي الهذيل"، مات ببلخ سنة (٣٢٩ هـ) وقيل غير ذلك.
انظر: تاريخ بغداد (١١/ ٢٥)، وسير أعلام النبلاء (١٥/ ٢٥٥).
(٢) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٣٠٠).
(٣) انظر ما تقدم ص (٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>