للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه لانشغال إرادته بضدٍّ له.

وبعبارة أخرى: تكليف ما لا يطاق قسمان:

- ما لا يطاق للعجز عنه، سواء كان لضعف أسبابه أو وجود أضدادها، أو كان لاستحالته في نفسه أو عادة؛ فهذا لا يجوز التكليف به، فحكمة الله سبحانه ورحمته وعدله وكرمه وسائر صفات كماله تمنع منه.

وقد اتفق حملة الشريعة على عدم التكليف به.

- ما لا يطاق لا للعجز عنه، ولكن للاشتغال بضده، فهذا يجوز التكليف به (١).

على أن إطلاق تكليف ما لا يطاق على هذا القسم بدعة من القول في الشرع واللغة، أما في الشرع: فلأنه لا يقال لمن لم يؤمر بالحج مع استطاعته إنه مكلف بما لا يطيق، بل يقال: هو لم يستطع الحج - أي الاستطاعة المقارنة، وإن كان مستطيعًا له استطاعة الوسائل والآلات - (٢).

وأما في اللغة: فلأن التكليف لا يستعمل بمعنى الإقدار، وإنما يستعمل بمعنى الأمر والنهي، ومضمون تسمية ما لم يفعله العبد تكليفًا بما لا يطاق: أن فعل ما لا يفعله العبد لا يطيقه! (٣).

المسألة الثالثة: ما لا يطاق مما لم يكلِّف الله سبحانه به قسمان:

- ما لا يطاق في أصل الشرع، فالشرع موافق لطاقة المكلفين من


(١) انظر: منهاج السنة (٣/ ٥٢ - ٥٣)، ومجموع الفتاوى (٨/ ١٣٠)، ورفع الشبهة والغرر (٤٨).
(٢) انظر: منهاج السنة (٣/ ١٠٥).
(٣) انظر: شرح الطحاوية (٢/ ٦٥٤ و ٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>