للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: الاتفاق على جواز تكليف العبد القيام مع كونه قاعدًا حالة توجه الأمر عليه، وهذا من تكليف ما لا يطاق، لأن وقوع القيام مقدورًا من غير قدرة عليه مستحيل كجمع الضدين، وإنما المأمور به قيام مقدور عليه (١).

خامسًا: أن أبا لهب كُلف بالإيمان، ومما كلف أن يؤمن به قوله تعالى: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ [المسد: ٣]، ومضمون هذه الآية أنه لن يؤمن؛ فأضحى مكلَّفًا بالإيمان بأنه لا يؤمن.

وكلف بالإيمان بأنه لا يؤمن، وهذا تكليف بما لا يطاق (٢).

والجواب على أدلتهم:

أما الدليل الأول؛ فلا ريب أن الآية دلت على ما ذكروه من إمكان التكليف بما لا يطاق، لكن ليس المراد بهذا التكليف بما لا يطاق ما ذكروه، من وجهين:

الأول: أن المراد به أن يكلفهم ما يطيقونه بمعنى أنهم يقدرون عليه، لكن مع مشقة وعسر، كما جاء في تفسير الآية.

قال ابن الأنْبَاري (٣): "المعنى: لا تحملنا ما يثقل علينا أداؤه وإن كنا


(١) انظر: الإرشاد (٢٢٦).
(٢) انظر: الإرشاد (٢٢٧ - ٢٢٨)، وأصول الدين (٩١)، والأربعين للرازي (١/ ٣٢٩)، والاقتصاد في الاعتقاد (١٨١).
(٣) هو الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون، أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن الأنباري، المقرئ النحوي، ولد سنة (٢٧١ هـ)، من كتبه: "كتاب الوقف والابتداء"، و"غريب الحديث"، قال أبو بكر الخطيب: كان ابن الأنباري صدوقًا ديِّنًا من أهل السنة، توفي ببغداد سنة (٣٢٨ هـ).
انظر: تاريخ بغداد (٤/ ٢٩٩)، والسير (١٥/ ٢٧٤)، وبغية الوعاة (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>