للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد بما لا يطاق) في قولنا: يمتنع تكليف ما لا يطاق هو (المستحيل لذاته أو) المستحيل (في العادة)، ويتضح ذلك بأن تعلم أن المستحيل ثلاثة أنواع: مستحيل لذاته، وهو المحال عقلًا كجمع النقيضين والضدين، ومستحيل عادة لا عقلًا، كالطيران من الإنسان، و (كما ذكرنا في التكليف بحمل جبل)، ومستحيل لتعلق العلم الأزلي بعدم وقوعه، أو إخبار الله تعالى بعدم وقوعه، كإيمان من علم الله تعالى أنه لا يؤمن، أو من أخبر الله تعالى أنه لا يؤمن.

والمراد بقولنا يمتنع التكليف بما لا يطاق: التكليف بالنوعين الأولين، (أما) الفعل (المستحيل) وقوعه (باعتبار سبق العلم الأزلي بعدم وقوعه) من المكلف (لعدم امتثاله) الأمر به حال كونه (مختارًا) عدم الامتثال، (وهو) أي ذلك الفعل (مما يدخل تحت قدرة العبد عادة فلا خلاف في وقوعه)، أي وقوع التكليف به، (كتكليف أبي جهل وغيره من الكفرة) كأبي لهب وأبي بن خلف (بالإيمان مع العلم بعدم إيمانه والإخبار به) " (١).

وممن قرره بمثل هذا التفصيل: الفرهاري في النبراس (٢).

وفي هذا الكلام تصريح بالمقصود وهو كونهم موافقين بالجملة لأهل السنة في هذه المسألة، والله أعلم.


= ولد وتوفي ببيت المقدس، من كتبه: "المسامرة بشرح المسايرة"، و"الدرر اللوامع بتحرير جمع الجوامع"، مات سنة (٦٠٩ هـ).
انظر: الكواكب السائرة (١/ ٩)، وشذرات الذهب (١٠/ ٤٣).
(١) المسامرة شرح المسايرة (١٧٠ - ١٧١)، وما بين قوسين هو كلام الكمال بن الهمام صاحب المسايرة.
(٢) النبراس شرح العقائد (١٨٧ - ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>