للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير دقيق، فإنهم وإن وقع قي عباراتهم إطلاق نفي تكليف ما لا يطاق، فإنهم في حقيقة الأمر مُقرُّون بالأساس الذي بني عليه القول في مسألة تكليف ما لا يطاق، وهو تقسيم الاستطاعة إلى سابقة ومقارنة، بخاصة إذا علمنا أن إطلاق ما لا يطاق على المشتغل بضده بدعة في الشرع.

بل في عبارة إمام المذهب أبي منصور الماتريدي التصريح بذلك، فإنه عرض لقول الكعبي في دعواه أن تكليف ما لا يطاق قبيح في العقل بالبديهة ورده، وهذا كلامه بنصه: "ثم نذكر ما ذكره الكعبي مما يبين وهمه في قضاياه، زعم أن تكليف ما لا يطاق قبيح في العقل بالبديهة، وهذا إنما هو في العقل الذي لا يعرف الطاقة غير القوة الظاهرة وهي الصحة، وأما غيرها فليس كما يقول.

بل كلف الله صاحب موسى بما يعلم أنه لا يستطيع وكذلك تكليف ما يجهل مثله في البديهة قسمته فمثله الأول، ثم يقال له وكذلك تكليف ما لا يطاق لوقت الفعل قبيح في العقل، والذي ادعيته من القبح إنما هو في عقول من يحيل وجود الفعل ولا قوة، وذلك وقت الفعل فصار قوله عند التحصيل هو القبيح في العقل إن صدق فيما ادعى ولا قوة إلا بالله.

وأما الأصل أن تكليف من منع عنه الطاقة فاسد في العقل، وأما من ضيع القوة فهو حق أن يكلف مثله ولو كان لا يكلف مثله لكان لا يكلف إلا من يطيع وليس ذلك شرط المحنة، ولا قوة إلا بالله" (١).

وقال الكَمَال بن أبي شريف (٢): " (والحل) الذي به يتضح محل النزاع (أن


(١) التوحيد له (٢٦٦).
(٢) هو: أبو المعالي، محمد بن محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف المقدسي، كمال الدين، =

<<  <  ج: ص:  >  >>