للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكل منها ما يليق به؛ فللحيوان المتحرك بإرادته ما يليق به، وللجماد المسخر لما خلق له هداية تليق به، كما أن لكل عضو له هداية تليق به؛ فللرجلين المشي، ولليدين البطش والعمل، وللِّسان الكلام، وللأذن الاستماع، وللعين كشف المرئيات، ولكل عضو ما خلق له (١).

٣) أنها فطرية، لا يتوقف حصولها على مؤثِّر خارجي.

أي أنها لا تحتاج إلى تعليم ولا إلى تلقٍّ، بل توجد شيئًا فشيئًا بوجود المخلوق.

وكونها فطرية لا يعني أنها ملازمة للإنسان لا تنفك عنه ولا يضل عنها، بل قد يطرأ عليها ما يغيرها، بل ما يقلبها على عقبها، وإذا كانت معرفة الله ومحبته ومحبة دين الإسلام وإرادته - وهي أعظم ما فُطر عليه المكلفون - قد تتغير وتفسد؛ فتغير هذه وفسادها من باب أولى.

ولا يعني أيضًا أنها تحصل للمخلوق بمجرد وجوده، بل تحصل له رويدًا رويدًا بحسب حاجته لها.

قال شيخ الإسلام : "فهو سبحانه خلق الحيوان مهتديًا إلى طلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ثم هذا الحب والبغض يحصل فيه شيئًا فشيئًا بحسب حاجته، ثم قد يعرض لكثير من الأبدان ما يفسد ما وُلد عليه من الطبيعة السليمة والعادة الصحيحة" (٢).

٤) أنها متعلقة بأمور الدنيا لا بأمور الدين.

أي ليس حصولها يزيد في الدين، وليس نقصها - إن قدر أنها نقصت -


(١) انظر: بدائع الفوائد (٢/ ٤٤٧).
(٢) درء التعارض (٨/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>