للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: ٢٥].

وإضلال الله سبحانه لمن شاء من عباده - سواء الابتدائي أو ما كان بعد هدى - محض الحكمة والعدل، ليس فيه ظلم، وذلك من وجوه:

الأول: أن هذا فعله سبحانه، والله ﷿ ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣].

الثاني: أن هذا الإضلال منه سبحانه مبني على علمه بهذا العبد بأنه لا يصلح للهداية، ولو علم أنه يصلح للهداية لما أضله.

الثالث: أن الإضلال هو ترك الفضل منه سبحانه، وترك الفضل لا ظلم فيه، يوضحه:

الرابع: أن من أضله الله سبحانه لم يَحُل بينه وبين الهدى وبيان الرسل، بل أقام له أسباب الهداية ظاهرًا وباطنًا ولم يحل بينه وبينها، وأراه الصراط المستقيم حتى كأنه يشاهده عيانًا، وإنما قطع عنه توفيقه ولم يرد من نفسه إعانته والإقبال بقلبه إليه.

فلم يَحُل بينه وبين ما هو مقدور له، وإن حال بينه وبين ما لا يقدر عليه وهو فعله ومشيئته وتوفيقه (١).

والحاصل أن الله سبحانه هو المتفرد بهداية الخلق وإضلالهم، وأنه من يهده فلا مضل له، ومن يضله فلا هادي له، والهداية فضله سبحانه، والإضلال عدله، وكلاهما صادر عن حكمته سبحانه.


(١) انظر: شفاء العليل (١/ ٢٦٥ - ٢٦٦)، وانظر: (١/ ١٣٩) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>